للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وإلى هذا يذهب أَكثر أَهل التفسير.

وقيل: المراد منها -بعموم الخطاب- العموم؛ يعني: النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وأَصحابه؛ وكأَنها خرجت على النهي عن طمع الإيمان منهم، كأَنه قال: لا تطمعوا في إيمانهم.

كقوله: (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ)؛ أي: لا تُنقذ.

وكقوله: (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ)؛ أَي: لا تسمع الصم.

وقوله: (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ. . .) الآية.

لقائلٍ أن يقول: أَليس فيما كان فريقٌ منهم يسمعُون كلام اللَّه ثم يحرفونه ما يجب أَن يدفع الطمع عن إيمان هَؤُلَاءِ؟

فهو - واللَّه أعلم - لوجهين:

أَحدهما: أَنهم كانوا أصحاب تقليد؛ كقوله: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ).

فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أَن هَؤُلَاءِ -وإن رأَوا الآيات العجيبة- فإنهم لا يؤمنون أَبدًا؛ لأَنهم أَصحاب تقليد، لا ينظرون إلى الحجج والآيات.

والثاني: أَنهم - معَ كثرة ما عاينوا من الآيات، وشاهدوا من العجائب في عهد رسول اِلله موسى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم يطمع في إيمانهم، فكيف طمعتم أَنتم في إيمان هَؤُلَاءِ، وهم أتباعهم؟ واللَّه الموفق.

ولهذا وجهان آخران:

أحدهما: كأنه قال: لا تطمع في إيمانهم؛ لأَنهم - في علم اللَّه على ما عليه من ذكر.

والثاني: لأن أُولَئِكَ كانوا خيرًا من هَؤُلَاءِِ، وأَرغبَ في الحق منهم، ثم لم يؤمنوا مع سماع الحجج، وما يجب به الإيمان، فكيف تطمع في إيمان هَؤُلَاءِ؟

وقوله: (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

أنه من عند اللَّه، ويعلمون أَنه رسول اللَّه، وأَنه حق.

وقوله: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا (٧٦)

فقد ذكرنا فيما تقدم أَنها في المنافقين نزلت.

وقوله: (وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>