للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: مغشيًّا عليه؛ ألا ترى أنه قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَمَّآ أَفَاقَ)، وإنما يفاق من الغشيان، ولا يفاق من الموت، واللَّه أعلم بذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ) اختلف فيه؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنما استثنى الشهادة الذين استشهدوا في الدنيا، واللَّه أعلم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ) هو جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى):

قَالَ بَعْضُهُمْ: تكون ثلاث نفخات: نفخة تحملهم على الفزع: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ. . .) الآية، ثم الأخرى يموتون بها، والثالثة يحيون بها، وعلى هذا يروى حديث عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " ينفخ ثلاث. . . " ذكر كما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: نفختان؛ على ما ذكر في هذه الآية: إحداهما: يموتون، والثانية: يحيون بها، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٩) يحتمل (بِنُورِ): الذي أنشأه اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - لها وجعله فيها، ليس أن يكون لذاته نور أو شيء يضيء، ويكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِنُورِ رَبِّهَا) كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِنِعْمَتِ رَبِّكَ): بإحسان ربك، وآلاء ربك، لا يفهم منه سوى النعمة والنشأة والآلاء المجعولة؛ فعلى ذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِنُورِ رَبِّهَا) لا يفهم منه نور الذات ولا شيء من ذلك.

ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) أي: أضاءت، جائز أن يكون اللَّه - عز وجل - ينشئ أرض الآخرة أرضًا مضيئة مشرقة؛ لما أخبر أنه يبدل أرضًا غير هذه؛ حيث قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ. . .) الآية، كانت هذه مظلمة، وتلك مضيئة، على ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

أو أن يكون إشراقها: ارتفاع سواترها، وظهور الحق لهم، وزوال الاشتباه والالتباس، وكانت أمورهم في الدنيا مشبهة ملتبسة، ويقرون يومئذ جميعًا بالتوحيد له والألوهية

<<  <  ج: ص:  >  >>