بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ)، وقال في تلك الآية:(إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، أي: أسمع ما يقولون لكما، وأرى ما يفعلون بكم، فأمنعهم عنكما؛ لأنهما ذكرا الخوف منه من شيئين: من الفعل والقول حيث قالا: (إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا): بالفعل، (أَوْ أَنْ يَطْغَى) باللسان.
قوله:(أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) ليس على حقيقة الإرسال معه، ولكن على ترك استعبادهم؛ كقوله:(فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ) أي: خل بينهم وبين استخدامك إياهم واستعبادك، واللَّه أعلم.
ثم قال له فرعون:(أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ): يذكر نعمته التي أنعمها عايه بتربيته إياه صغيرًا، وكونه فيهم دهرا، وكفران موسى لما أنعم عليه وهو ما قال:(وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (١٩) وهو قتل ذلك القبطي الذي وكزه موسى فقضى عليه، فأقرَّ له موسى بذلك، فأخبر أنه فعل ذلك حيث قال:(فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠)
وقوله:(فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) أي: فعلت ذلك وأنا كنت من الجاهلين، لا يعلم أن وكزته تلك تقتله، وإلا لو علم ما وكزه؛ لأنه لم يكن يحل له قتله حيث قال:(هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)؛ دل ذلك منه أنه كان لم يحل قتله إلا أنه جرى