للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بما بذلوا مهجهم لله في نصر دينه، وإظهار كلمته، والإشفاق على رسوله، حتى كان أحب إليهم من أنفسهم؛ ويرونه أولى بهم، واللَّه الموفق.

ثم اختلف في المعروف والمنكر، قيل: المعروف: كل مستحسن في العقل فهو معروف، وكل مستقبح فيه فهو منكر.

ويحتمل الأمر بالمعروف: هو الأمر بالإيمان، والنهي عن المنكر: هو النهي عن الكفر؛ دليله: قوله: (وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ. . .) الآية، يؤمنون هم، ويأمرون غيرهم بالإيمان، وينهون عن الكفر.

وقوله: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا (١٠٥)

لأن التفرق هو سبيل الشيطان بقوله: (وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).

(مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ): والبينات: هي الحجج التي أتى بها.

ويحتمل: بيان ما في كتابهم من صفة رسولنا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ونعته الشريف.

ويحتمل: تفرقوا عما نهج لهم اللَّه، وأوضح لهم الرسل؛ فأبدعوا لأنفسهم الأديان بالأهواء، فحذرنا ذلك، وعرفنا أن الخير كله في اتباع من جعله اللَّه حجة له، ودليلًا عليه، وداعيا إليه، ولا قوة إلا باللَّه.

(وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ):

دل هذا أن السبيل هو الذي يدعو الشيطان إليها.

وقوله: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ (١٠٦)

وصف اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - وجوه أهل الجنة بالبياض؛ لأن البياض هو غاية ما يكون به الصفاء؛ لأن كل الألوان تظهر في البياض، ووصف - عَزَّ وَجَلَّ - وجوه أهل النار بالسواد؛ لأن السواد هو نهاية ما تكون به الظلمة؛ إذ الألوان لا تظهر في السواد فهو شبيه بالظلمة.

وقد يحتمل أن يكون المراد من وصف البياض والسواد - ليس نفس البياض والسواد؛ ولكنّ البياض هو كناية عن شدّة السرور والفرح، والسّواد كناية عن شدة الحزن والأسف؛

<<  <  ج: ص:  >  >>