للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن البشر جبلوا على حبِّ السماع للأخبار والأحاديث، وحبب ذلك في قلوبهم حتى إن واحدًا منهم يولد أحاديث وينشئها من ذات نفسه لأن يستمعوا في ذلك إليه ويسمعوا منه، فذكر لهم هذه الأنباء والقصص ليكون استماعهم إليها وسماعهم لها، وذلك أحسن وأوفق إذ أخبر أن ذلك أحسن القصص؛ بقوله: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ).

والثالث: ذكر لهم هذا ليعلموا ما حل بهم في العاقبة من الهلاك والاستئصال، وأنواع العذاب لفسادهم وتكذيبهم الرسل، وما عاقبة المفسد منهم والمصلح؛ ليكون ذلك زجرًا لهم عن صنيع مثلهم.

والرابع: ذكر ذلك ليعرفوا كيف كانت معاملة الأنبياء والرسل أعداءهم، ومعاملة الأعداء الرسل ليعاملوا أعداءهم مثل معاملتهم.

والخامس: أنهم كانوا ينكرون أن يكون من البشر رسول، فأخبر أن الرسل الذين كانوا من قبل كانوا كلهم من البشر.

والسادس: أنهم كانوا يعبدون هذه الأصنام والأوثان، ويقولون: بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون، (وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)، فأخبر أن كان في آبائهم السعداء، وهم الأنبياء والأشقياء، فكيف اقتديتم أنتم بالأشقياء منهم؟! وهلا اتبعتم السعداء دون الأشقياء!

والسابع: فيها أن كيف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عرفنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن يأمر به، ومن ينهى عنه.

وأيضًا إن فيه ذكر الصالحين منهم بعدما ماتوا وانقرضوا فكانوا بالذكر كالأحياء.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ... (١٢٨)

يحتمل قوله: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ): على أداء طاعته، وبما يتقربون إلى اللَّه تعالى ويكون لهم زلفى لديه.

<<  <  ج: ص:  >  >>