قال أبو بكر الكيساني: قوله (هَدَانِي)، أي: دلني ربي إلى صراط مستقيم، لكن هذا بعيد؛ لأنه خرج مخرج ذكر ما منَّ عليه بلطفه، وليس في الدلالة والبيان ذلك؛ إنما عليه البيان، وكان رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يدل على الهدى ويبين لهم طريقه.
ثم أخبر أنه لا يهدي من أحب بقوله:(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)، دل أن ذلك إكرام من اللَّه - تعالى - بالهداية بالتوفيق له والعصمة بلطفه، لا الدلالة والبيان.
وكذلك قوله - تعالى -: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ)؛ فلو كان على الدلالة والبيان لكان منه ذلك، ثم أخبر إن المنة عليهم لله - تعالى - لا لرسوله؛ دل أنه لما ذكرنا من الهداية نفسها لا الدلالة.
والعوج: هو الذي فيه الآفة، فأخبر أن لا آفة فيه ولا عوج.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ).
إن أهل الأديان جميعًا يدعون أن الذي هم عليه هو دين إبراهيم، فأخبر أن دين إبراهيم هو الدين الذي عليه رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لا هم.