أو سماه: كريمًا، حكيمًا، مجيدًا؛ لما يوجد منه ما يوجد من الكرماء والحكماء والأمجاد.
وقوله:(فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢) منهم من حقق اللوح والقلم، وقد وصفه أهل التفسير.
ومنهم من جعل اللوح عبارة عما يلوح -أي: يظهر- للملك من الأمر، لا على تحقيق اللوح، وسمت الباطنية القلم: المبدع، الأول، واللوح: المبدع الثاني، وجعلوا المبدع الأول علة كون المبدع الثاني، وزعموا أن المبدع الأول بذل له إنشاء المبدع الثاني، فهو المنشئ له، وسمت المبدع الأول: بارئا، والمبدع الثاني: خالقا ورحمانا، وسمت الفلاسفة المبدع الأول: عقلا والثاني: نفسا، ثم حدث التوالد من الأنفس.
فأما جعلهم الأول أصلا وعلة ليس كما ذكروا، فذلك يحتمل أن يجعل الأول أصلا للثاني وعلة كما استقام أن تجعل النطفة أصلا لخلق البشر، ولكنه لا يجوز أن يسمى بواحد من الاسمين اللذين ذكرتهما الباطنية والفلاسفة؛ لأنه لا يجوز إنشاء الأسماء لهذه الأشياء اختراعا، بل تسميهما بما جاءت بهما التسمية من عند الحجة، وإنما جاءت التسمية من عند الحجة باللوح والقلم؛ فلا تسميهما بغيرهما.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَحْفُوظٍ)، أي: عن أعدائه؛ فلا يتمكنون من تغييره وتبديله.
وأخبر أنه أنزل إليه على يدي رسول قوي؛ فلا يقدر أحد أن يغلبه؛ فيحرف ما فيه.
ووصفه بالأمانة في نفسه بقوله:(ذِي قُوَّةٍ. . .) إلى قوله: (أَمِينٍ)،؛ ليؤمن تغييره بنفسه، واللَّه الهادي للعباد والموفق للرشاد، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم.