للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواقع تحت الحواس؛ إذ البين الذي من جحده حرم أول درجات البيان ومنع عن فهم المجحود عنه؛ إذ الجحود يكفى كلًّا مؤنة خصومته، ثم غيره مما يصير بالتأمل على الوجوه التي جعلت للوصول إليه، وإن بعد أو قرب بدليله كالمحسوس؛ إذ التأمل في الأسباب هو سبب الوصول إلى ما غاب، كاستعمال الحواس فيما يشهد؛ فمن أراد القطع على حد أو شيء يحتاج إلى دليل فيه.

وأصل البيان - حقيقة - هو الظهور، وأسباب إظهار الأشياء متفاوتة، وعلى ذلك مقاديرها من الظهور، وجملته ارتفاع التواتر عن القلوب، وتجلي حقائق الأمور لها؛ على قدر العقول في الإدراك وما يتجلى للقلوب على مقدار ما يحتمل من الظهور.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُدًى وَرَحْمَةً).

يجب أن يكون قوله: (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ)، وقوله: (وَهُدًى وَرَحْمَةً) - كله واحد الرحمة والهدى والبيان، وبرحمته وبهداه يتبين لهم ويتضح، لكنهم قالوا: البيان للناس كافة يبين ويتضح إلا من عاند وكابر، والهدى والرحمة للمؤمنين خاصة؛ على ما ذكر وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين؛ ذلك للمسلمين خاصة، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٣) وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٩٤) وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩٥) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٦) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ. . .) إلى آخر ما ذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>