للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (١٣٦)

يخبر - عَزَّ وَجَلَّ - عن سفههم من وجوه:

أحدها: أنهم كانوا يجعلون لله نصيبًا مما كان لله في الحقيقة مع علمهم أن اللَّه هو الذي أنشأ لهم تلك الأشياء وهو ذرأها، ثم يجعلون لله في ذلك نصيبًا وللأصنام نصيبًا، يسفههم لأنهم إذا علموا أن اللَّه هو الذي ذرأ لهم تلك الأشياء وأنشاها لهم، فإليه الاختيار في جعل ذلك لا إليهم إذ علموا، أنهم إنما يملكون هم بجعل الله لهم، وهو المالك عليها حقيقة.

والثاني: ما يبين سفههم -أيضًا- أنهم يجعلون لله في ذلك نصيبًا وللأصنام نصيبًا من الثمار والحروث وغيرها، ثم إذا وقع أشيء، مما جعلوا لله وخالط ما جزءوا وجعلوه لشركائهم تركوه، وإذا خالط شيء مما جعلوا لشركائهم، ووقع فيما جعلوه لله أخذوه وردوه على شركائهم وانتفعوا به، وتركوا الآخر للأصنام إيثارًا للأصنام عليه، وإعظاما لها.

أو إذا زكا نصيب الأصنام ونما، ولم يزك نصيب اللَّه، ولم ينمُ تركوا ذلك للأصنام، ويقولون: لو شاء اللَّه لأزكى نصيبه، وإذا زكا الذي كانوا يجعلون لله، ولا يزكو نصيب الأصنام أخذوا نصيب اللَّه فقسموه بين المساكين وبين الأصنام نصفين.

يسفههم - عَزَّ وَجَلَّ - بصنيعهم الذي يصنعون ويبين عن جوهرهم بإيثارهم الأصنام، وإعظامهم إياها، والتفضيل في القسمة والتجزئة، مع علمهم أن اللَّه هو الذي ذرأ ذلك وأنشأه لهم، وأن الأصنام التي أشركوها في أموالهم وعبادتهم لله لا يملكون من ذلك شيئًا.

وذلك منهم سفه وجور؛ حيث أشركوا في أموالهم وعبادتهم مع اللَّه أحدًا لا يستحق بذلك شيئًا، وهو كما جعلوا لله البنات، وهم كانوا يأنفون عن البنات، كقوله: (وَإِذَا بُشِّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>