للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحياتهم ومعاشهم بالخارج من الأرض؛ إذ به نشوءهم ونماؤهم وحياتهم وقوامهم منها.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا): قَالَ بَعْضُهُمْ: أسكنكم فيها، وقال بعضهم: استخلفكم فيها. وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)، أي: جعلكم عمار الأرض تعمرونها لمعادكم ومعاشكم، جعل عمارة هذه الأرض إلى الخلق هم الذين يقومون بعمارتها وبنائها وأنواع الانتفاع بها، ويرجع كله إلى واحد. وقَالَ بَعْضُهُمْ في قوله: (وَاسْتَعْمَرَكُمْ) أي: جعل عمركم طويلا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ): هذا قد ذكرنا فيما تقدم في قصة نوح، أي: كونوا بحال يغفر لكم؛ وهو كقوله: (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)، كأنه قال: فإن انتهوا عن الكفر يغفر لهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ): لحفظ الخلائق أو قريب لمن أنعم عليهم وأمثاله، أو قريب إلى كل من يفزع إليه، مجيب لدعاء كل داع استجاب له؛ كقوله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي .. .) الآية؛ وكقوله: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قَالَ بَعْضُهُمْ: قولهم: (قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا) كنت ترحم الضعفاء وتعود المرضي ونحو ذلك من الكلام، فالساعة صرت على خلاف ذلك.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا) كنا نرجو أن ترجع إلى ديننا قبل هذا الذي تدعونا إليه، فالساعة صرت تشتم آلهتنا وتذكرها بعيب، أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا، أي: ما كنا نعرف أن آباءنا عندك سفهاء من قبل هذا، فالساعة تسفه أحلامهم في عبادتهم الأصنام.

(وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) قالوا هذا؛ احتجاجًا لهم عليه فيما دعاهم إلى توحيد اللَّه وعبادتهم إياه، فقالوا: إنا على يقين أن آباءنا قد عبدوا هذه الآلهة من غير شك فما تدعونا إليه مريب، أي: يريبنا أمرك ودعاؤك لنا إلى هذا الدِّين.

<<  <  ج: ص:  >  >>