للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُرْسَلِينَ). ويحتمل الأمر بالسلام على أصحابه وجميع المؤمنين؛ كقوله: (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ)، أمر رسوله بالسلام على المرسلين وعلى أصحابه وعلى المؤمنين.

ثم في قوله: (اصْطَفَى) دلالة: أن لا أحد يستوجب الصفوة إلا باللَّه؛ حيث قال: (اصْطَفَى).

وقوله: (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) أي: الذي فعل هذا بالأمم الخالية من الهلاك للأعداء وإبقاء الرسل والأولياء، أم الأصنام التي تشركون في عبادته، وهي لا تملك شيئًا من ذلك؛ يقول - واللَّه أعلم -: إنكم تعلمون أن اللَّه يملك ما ذكر من إهلاك أعدائه وإبقاء رسله، والأصنام التي تعبدونها دونه لا تملك شيئًا، فكيف تشركونها في ألوهيته؟! وإلا لم يذكر جواب قوله: (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) جوابه أن يقولوا: بل اللَّه خير.

وكذلك روي في الخبر عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إن ثبت -: أنه كان إذا قرأ هذه الآية، قال: " بل اللَّه خير وأبقى وأجل وأكرم ".

وقوله: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) يذكرهم بهذا؛ لوجهين:

أحدهما: يذكر قدرته وسلطانه في خلق ما ذكر من السماوات والأرض، وإنزال الماء من السماء، وإنبات النبات من الأرض، وإخراجه على إقرارهم أن اللَّه خالق ذلك لا غيره، فيقول: فإذا علمتم أن اللَّه هو خالق ذلك كله، فكيف أشركتم غيره ممن لا يملك ذلك، ولا يقدر في تسمية الإلهية والعبادة؟!

والثاني: يخبر عن اتساق الأمور والتدبير فيهما جميعًا، واتصال منافع أحدهما بالآخر، على تباعد ما بينهما؛ ليعلم أن منشئهما ومدبرهما واحد لا عدد، فإذا عرفتم ذلك فكيف أشركتم غيره فيهما؟! وهو كقوله: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا).

وهذا الحرف على الثنوية والدهرية وهَؤُلَاءِ لقولهم بالعدد وإنكارهم الواحد، والأول على المقرين بالواحد إلا أنهم أشركوا الأصنام في التسمية والعبادة.

وقوله: (حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ): قَالَ بَعْضُهُمْ: الحدائق: الحيطان، والبساتين: ما دون الحيطان.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الحدائق: الحوائط التي خصت بالأشجار، والبساتين: هي الملتفة بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>