للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيمان لو جاءتهم تلك الآيات؛ فلا يؤمنون؛ كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة.

ويحتمل وجهًا آخر: وهو أن، يقلب في أفئدتهم وأبصارهم آيات وحدانيته وألوهيته؛ فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة.

ثم تخصيص الأقئدة والأبصار دون غيرها من الجوارح؛ لأن القلب والبصر لا يقع إلا على ما يشهد به على وحدانية اللَّه وألوهيته.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: إن هَؤُلَاءِ، وإن جاءتههم آية، فإنهم لا يؤمنون كما لم يؤمن أوائلهم من الأمم الخالية لما سألوا الآيات قبلهم؛ فكذلك هَؤُلَاءِ لا يؤمنون بها، وإن جاءتهم الآية بعد السؤال.

وقال، غيرهم: قوله: (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي: قد جاءتهم آيات قبل هذا على غير سؤال، فلم يؤمنوا بها؛ فكذلك إن جاءتهم بالسؤال، فلا يؤمنون بها.

ويحتمل وجهًا آخر: وهو أن مشركي العرب كانوا يقسمون باللَّه: أنه إن جاءهم نذير يؤمنون به، وهو قوله: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) يعنون - واللَّه أعلم - اليهود والنصارى، أي: لو جاءهم نذير ليكونون أهدى من اليهود والنصارى، (فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا) يخبر أنهم كما لم يؤمنوا بالنذير عند سؤالهم النذير في الابتداء إذا جاءهم نذير، فكذلك -أيضًا- لا يؤمنون عند سؤالهم الآيات، وإن جاءتهم آيات.

يخبر نبيه وإنهم ليسوا يسألون الآيات سؤال استرشاد، ولكن يسألون سؤال عناد ومكابرة، وهذا التأويل كأنه أقرب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ).

إذا علم أنهم لا يؤمنون، تركهم في ظلمات ضلالتهم يعمهون، ويتحيرون، والعمه: الحيرة في اللغة.

(قوله: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى ... (١١١)

قيل: هذه الآية صملة قوله: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ) إلى قوله: - (وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>