قَالَ بَعْضُهُمْ: إن هَؤُلَاءِ، وإن جاءتههم آية، فإنهم لا يؤمنون كما لم يؤمن أوائلهم من الأمم الخالية لما سألوا الآيات قبلهم؛ فكذلك هَؤُلَاءِ لا يؤمنون بها، وإن جاءتهم الآية بعد السؤال.
وقال، غيرهم: قوله: (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي: قد جاءتهم آيات قبل هذا على غير سؤال، فلم يؤمنوا بها؛ فكذلك إن جاءتهم بالسؤال، فلا يؤمنون بها.
ويحتمل وجهًا آخر: وهو أن مشركي العرب كانوا يقسمون باللَّه: أنه إن جاءهم نذير يؤمنون به، وهو قوله:(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) يعنون - واللَّه أعلم - اليهود والنصارى، أي: لو جاءهم نذير ليكونون أهدى من اليهود والنصارى، (فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا) يخبر أنهم كما لم يؤمنوا بالنذير عند سؤالهم النذير في الابتداء إذا جاءهم نذير، فكذلك -أيضًا- لا يؤمنون عند سؤالهم الآيات، وإن جاءتهم آيات.
يخبر نبيه وإنهم ليسوا يسألون الآيات سؤال استرشاد، ولكن يسألون سؤال عناد ومكابرة، وهذا التأويل كأنه أقرب.