وقال غيرهم من أهل التأويل: الخطاب لأصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ وذلك أنهم لما قالوا:(لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا)؛ ظنوا أنهم لما أقسموا باللَّه جهد أيمانهم أنهم يؤمنون إذا جاءتهم آية، يفعلون ذلك ويؤمنون على ما يقولون؛ فقال لهم:(وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ)، على طرح لا، أي ما يدريكم أنها إذا جاءت يؤمنون ويحتمل فيه وجهًا آخر غلى الإضمار، وكأنه قال: وما يشعركم فاعلموا أنها إذا جاءت لا يؤمنون على الوقف في قوله (وَمَا يشُعِرُكُم) ثم ابتدأ فقال: اعلموا أنها إذا جاءت لا يؤمنون، وهذا كأنه أقرب.
ويحتمل وجهًا آخر: وهو أن أهل الإسلام قالوا: إنهم - وإن جاءتهم آية - لا يؤمنون؛ فقال عند ذلك:(وَمَا يشُعِرُكُم) خاطب به هَؤُلَاءِ (أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ).
والثاني: أنهم، وإن آمنوا بها، إذا جاءت؛ فنقلب أفئدتهم من بعد.
وعلى هذا التأويل أن خلق تقلب أفئدتهم وأبصارهم كقوله:(فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)، أي: خلق زيغ قلوبهم؛ فكذلك الأول.
أي: نقلب أفئدتهم وأبصارهم بالحجج والآيات، ويردونها؛ فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة. وقال أهل التأويل:(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ)، أي: نحول بينهم وبين