للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنتم من الأنعام وغيرها.

و (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي: لكي تنتفعوا بعقولكم.

أو نقول: إن ذلكم وصاكم به لتعقلوا؛ لأن حرف " لعل " من اللَّه على الوجوب، أي يعقلون عن اللَّه بما خاطبهم به وأمرهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ... (١٥٢)

قال أبو بكر الكيساني: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ)؛ أي: لا تأكلوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن.

وقال: ثم اختلف في الوجه الذي يحسن:

قَالَ بَعْضُهُمْ: هو أن يعمل له فيأكل من ماله أجرًا لعملِهِ.

وقال آخرون: يأكله قرضًا، وذلك مما اختلفوا فيه.

وقال غيرهم: هو أن ينتفع بدوابه، ويستخدم جواريه، ونحو ذلك، وقال: وذلك مما لا يحتمل تأويل الآية.

وعندنا أن الآية باحتمال هذا أولى؛ لما يقع لهم الضرورة في استخدام مماليكه، وركوب دوابه، والانتفاع بذلك؛ لما يقع لهم المخالطة بأموال اليتامى؛ كقوله: (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)، فإذا كان لهم المخالطة، لا يسلمون عن الانتفاع بما ذكرنا.

وقال الحسن: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، أي: إلا بالوجه الذي جعل له، والوجه الذي جعل له هو أن يكون فقيرًا، وهو ممن يفرض نفقته في ماله، فله أن يقرب ماله، وعندهم أن نفقة المحارم تفرض في مال اليتيم إذا كانوا فقراء، فبان أن

<<  <  ج: ص:  >  >>