وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ) معناه - واللَّه أعلم - أن يأتيهم وينزل بهم ما نزل بالمستهزئين، وإلا كان أتاهم أنباء ما نزل بالمستهزئين، ولكن معناه ما ذكرنا، أي: ينزل بهم ويحل ما نزل وحل بالمستهزئين.
ويحتمل قوله وجهًا أَخر:(فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ) وهو العذاب؛ لأن الرسل كانوا يوعدونهم أن ينزل بهم العذاب بتكذيبهم الرسل، فعند ذلك يستهزئون بهم؛ كقوله:(عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا)، وكقوله:(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ)، وغير ذلك؛ إذ قالوا:(اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، فأخبر أنه ينزل بهم ذلك كما نزل بأُولَئِكَ.
وقال أبو بكر الكيساني:(أَلَمْ يَرَوْا) قد رأوا (كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ) قال: وهو واحد، قد رأوا آثار الذين أهلكوا بتكذيبهم الرسل، وتعنتهم ومكابرتهم، لكنهم لم يعتبروا بذلك.
- وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: أعطيناهم من الخير والسعة والأموال ما لم نمكن لكم يا أهل مكة أي: لم نعطكم، ثم إذا كذبوا الرسل أهلكهم اللَّه - تعالى - وعاقبهم بأنواع العقوبة.