وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ): قيل: صرفنا الآيات، أي: صرفنا كل آية إلى موضعها الذي يكون لهم دليلا عند الحاجة إليها.
وقيك:(قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ) قد، يينا الآيات (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)، أي: لقوم ينتفعون بعلمهم وإذا انتفعوا بها صارت الآيات لهم؛ لأن من انتفع بشيء يصير ذلك له؛ لذلك ذكر لقوم يعلمون؛ لأنهم إذا لم ينتفعوا بها لم تصر الآيات لهم.
فيه دلالة أنه يبدئ ويعيد من غير شيء؛ لأنه أخبر أنه خلق البشر كله من نفس واحدة، والخلائق كلهم لو اجتمعوا ما احتملت الأرض، ولم تكن الخلائق بأجمعهم في تلك النفس الواحدة، دل أنه قادر على الابتداء والإعادة لا من شيء: إذ لم يكن لتلك النفس التي خلق الخلائق منها تقدمة شيء.
قال الحسن: مستقر في الآخرة بعمله الذي ختم به: إن ختم بعمل الخير يبقى أبدًا في الخير، وإن ختم بشر يبقى أبدًا في شر، ومستودع في أجله، بنتقل من وقت إلى وقت ومن حال إلى حال.
وقيل: مستقر في الدنيا. ويشبه أن يكون مستقر ومستودع في كل حال وكل وقت مستقر في أرحام النساء ومستودع في أصلاب الرجال، وهو قول عامة أهل التأويل، وقيل مستقر في القبر، ومستودع في الدنيا، ويشبه؛ أن يكون (فَمُسْتَقَرٌّ)، في حال القيام حتى ينتقل إلى حال أخرى، (وَمُسْتَوْدَعٌ) لما هو على شرف الانتقال إلى أخرى. وجائز