للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على التأويل الثاني الذي ذكرنا لقد نرينك بعض ما وعدناهم.

فقال: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩) ولا أملك أيضا جز منفعة إليها يقول: لا أقدر على أن أدفع عن نفسي سوءا حين ينزل بي، ولا أملك على أن أسوق إليها خيرا ألبتَّة، فإذا لم أملك هذا كيف أملك إنزال العذاب عليكم إنما ذلك إلى اللَّه هو المالك عليه والقادر على ذلك، لا يملك أحد ذلك سواه؛ وذلك كقوله: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) أي: إذا جاء أجلهم لا يقدرون على تأخيره ولا يستقدمون، أي: لا يقدرون على تقديمه، ليس على أنهم لا يطلبون تأخيره ولا تقديمه فيسألون ذلك، ولكن لا يؤخر إذا جاء ولا يقدم قبل أجله.

وفيه دلالة ألا يهلك أحد قبل انقضاء أجله، فهو رد على المعتزلة حيث قالوا: من قتل آخر فإنما قتله قبل أجله، واللَّه يقول: (لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) وهم يقولون: يستقدمون، واللَّه الموفق.

* * *

قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٥٢) وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥٣) وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٥٤)

وقوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) يقول - والله أعلم -: أي منفعة لكم إن أتاكم عذابه؟! لا منفعة لكم في ذلك بل فيه ضرر لكم، فاستعجال ما لا منفعة فيه سفه وجهل، يسفههم في سؤالهم العذاب، ويخبر في قوله: (لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) أن عذاب اللَّه إذا نزل وجاء وقته لا يملك أحد تقديمه ولا تأخيره، ولا يملك أحد استقدامه ولا استئخاره بالقدر والمنزلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>