للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو إن أنزل آية، على أثر سؤال، فلم يقبلوها، ولم يؤمنوا بها؛ أهلكهم على ما ذكرنا من سنته في الأولين، لكنه وعد إبقاء هذه الأمة إلى يوم القيامة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ... (٣٨) يشبه أن يكون هذا صلة قوله: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً)؛ لأنه ذكر " دابة "، والدابة: كل ما يدب على وجه الأرض من ذي الروح، وذكر الطائر، وهو: اسم كل ما يطير في الهواء. لما كان قادرًا على خلق هذه الجواهر المختلفة، وسوق رزق كل منهم إليهم، فهو قادر على أن ينزل آية؛ ولو أنزل آية لاضطروا جميعًا إلى القبول لها والإقرار بها، ولكنه لا ينزل لما ليست لهم الحاجة إليها، والآيات لا تنزل إلا عند وقوع الحاجة بهم إليها، وعلى هذا يُخرَجُ مخرج قوله: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُم لَا يَعْلَمُونَ).

ومن الناس من استدل بهذه الآية على أن البهائم والطير ممتحنات؛ حيث قال: (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)، ثم قال: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ).

ثم اختلف في قوله تعالى: (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ):

عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال في قوله - تعالى -: (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ): أي: إلا سيحشرون يوم القيامة كما تحشرون، ثم يقتص البهائم بعضها من بعض، ثم يقال لها: كوني ترابًا، فعند ذلك يقول الكافر: (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا)؛ كالبهائم.

وعن ابن عَبَّاسٍ قال: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)؛ أي: يفقه بعضها من بعض كما يفقه بعضكم من بعض، وأمم أمثالكم في معرفة ما يؤتى ويتقى.

ويحتمل: (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) في الكثرة، والعدد، والخلق، والصنوف تعرف بالأسامي

<<  <  ج: ص:  >  >>