للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمثوى: المقام، (وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا) من ذلك، أي: مقيمًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) كأنه يقول - عَزَّ وَجَلَّ -: لو رأيتهم يا مُحَمَّد يوم القيامة لرحمتهم، وأشفقت عليهم مما هزئوا به، وما نزل بهم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ ... (٦١) و (بِمَفَازَاتِهِمْ) يخرج على وجهين:

أحدهما: قوله: (بِمَفَازَتِهِمْ) أي: بالأعمال والأسباب التي فازوا بها على أشكالهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ) بعد المفازة والنجاة، وإلا قبل ذلك قد يمسهم السوء (وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) وهو على الجهمية وعلى أبي الهذيل العلاف إمام المعتزلة:

أما على الجهمية: لقولهم: إن الجنة تفنى وينقطع أهلها ولذَّاتها، فإذا كان ما ذكروا مسهم السوء والحزن.

وعلى قول أبي الهذيل أيضًا كذلك؛ لأنه يقول: إن أهل الجنة يصيرون بحال حتى إذا أراد اللَّه أن يزيد لهم شيئًا أو لذة لم يملك ذلك، فإن كان ما ذكر هو مسهم السوء والحزن - أيضًا - فالبلاء على قوله: إن السوء والحزن، إنما مس رب العالمين، فنعوذ باللَّه من مقال يعقب كفرًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) على إبطال قول أُولَئِكَ، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٦٣) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (٦٤) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).

هذه الآية تنقض على المعتزلة قولهم على وجوه:

أحدها: أن قولهم: إن شيئية الأشياء لم تزل كائنة؛ إذ من قولهم: إن المعدوم شيء،

<<  <  ج: ص:  >  >>