للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)

قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) بعد ما بعث الرسل بإصلاحها من الدعاء إلى عبادة اللَّه، والطاعة، ويأمرون بالحلال، وينهون عن الحرام.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا): بعد ما خلقها طاهرة عن جميع أنواع المعاصي، والفواحش، وسفك الدماء، وغير ذلك.

ويقال: (بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) بعد ما أعطاكم أسبابًا تقدرون بها على الإصلاح، وما به تملكون إصلاحها.

وجائز أن يكون المراد بإصلاح الأرض: أهلها، أي: لا تفسدوا أهلها؛ وهو كقوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا)، والقرية لا توصف بالعتوّ، ولكن أهلها.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّّ - (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا).

قَالَ بَعْضُهُمْ: خوفًا: لما كان في العبادة من التقصير، وطمعًا في التجاوز والقبول؛ لأنه لا أحد يقدر أن يعبد ربه حق عبادة لا تقصير فيها.

وعلى ذلك رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " لا يدخل الجنة أحد إلا برحمته، قيل: ولا أنت يا رسول اللَّه؟: قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني اللَّه برحمته ".

وعلى ذلك ما روى: " أن الملائكة يقولون يوم القيامة: ما عبدناك حق عبادتك ".

ويجب على كل مؤمن أن يكون في كل فعل الخير خائفًا، راجيًا الخوف للتقصير، والرجاء للقبول.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: خوفًا من عذابه ونقمته، وطمعًا في جنته.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).

قال أهل التأويل إن الجنة قريب من المحسنين، ويقولون: أراد بالقريب: الوقوع فيها،

<<  <  ج: ص:  >  >>