وقوله:(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ. تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ): خرج هذا - واللَّه أعلم - وما تقدم ذكره من الآيات جوابًا لقول كان من رؤساء الكفرة وقادتهم لا يزالون يلبسون على أتباعهم والسفلة أمر رسول اللَّه وما ينزل، فقالوا مرة:(أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)، ومرة:(مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى)، وأنه شاعر وأنه ساحر، ومرة قالوا:(إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ)، وأمثال هذا، فجائز أن كان منهم -أيضًا- قول: إن الشياطين هم الذين يتنزلون بهذا القرآن عليه، على ما ذكر أنهم قالوا: يجيء به الرئي - وهو الشيطان - فيلقيه على لسانه، فقال عند ذلك جوابًا لهم:(وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ. وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ. . .) الآية، ولكن إنما يتنزل به جبريل حيث قال:(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ. . .) الآية.
ثم أخبر عن الشياطين أنهم على من ينزلون حيث قال:(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ. تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)، ذكر هذا لما عرفوا هم أن الشياطين لا يتنزلون