فيه دلالة لقول أصحابنا - رحمهم اللَّه - أن الرجل إذا حلف ألا يبشر فلانًا فأرسل إليه غيره يبشره - حنث في يمينه؛ لأنه هو البشير، وإن كان المؤدي غيره؛ ألا ترى أن البشارة -هاهنا- أضيفت إلى اللَّه - تعالى - فكان هو البشير؛ فكذلك هذا.
وقوله:(مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ).
(بِكَلِمَةٍ) قيل: عيسى - عليه السلام - كان بكلمة من اللَّه، فيحيى صدقه برسالته. وقيل: أول من صدق عيسى - يَحْيَى بن زكريا، ولهذا وقع على النصارى شبهه؛ حيث قالوا: عيسى ابن اللَّه، بقوله:(بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ)، (وَرُوحٌ مِنْهُ)، ظنوا أنه في معنى (فيه)؛ لكن ذلك إنما يذكر إكرامًا لهم وإجلالا، ولا يوجب ذلك ما قالوا؛ ألا ترى أن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - قال:(وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)، ونحو ذلك، لم يكن فيه أن النعمة منه في شيء؛ فعلى ذلك الأول.