للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عظيم ما بها من المنافع لأنواع دواب الأرض والطير جميعًا حتى يوقن كل متأمل أن مثل هذا لا يعمل بالطباع إلا أن يكون له مدبر حكيم جعله ذلك الطبع وسواه على ما شاء من الحد، وألا يتسق الأمر على التدبر والحكمة، إلا أن يكون مدبر ذلك، بحيث لا يحتاج إلى معين، ولا يجوز أن يكون له فيه منافع، ثم هو بذاته عليم قدير، وما في الأرض من تدبير الليل والنهار وأنهما يتعاقبان أبدًا، ويسيران يقهران ما فيها من الجبابرة والفراعنة، حتى إن اجتمع جميع أهل الأرض على زيادة في واحد أو نقصان، أو تقديم أو تأخير؛ لما لهم من الحاجة، أو بما فيهم من القوة والقدرة مع معونة الجميع لهم في ذلك لم يتهيأ لهم، ولا بلغ توهم أحد في احتمال ذلك حتى يصير عند وجود كل كان الآخر لم يكن قط، ثم عند العود إليهم كأنه لم يفارقهم قط، مع ما أودع أهل الأرض بهما من المنافع، وعليهم فيها أنواع مضار، ولهما سلطان على أعمارهم، على ما فيهما من أثر التسخير والتذليل الذي كل مقهور بالآخر، إذا جاء سلطانه وبلغ حده، وليس في واحد منهما امتناع عن قهر الآخر، وإن كان هو الظاهر القوي جريا جميعًا على حد واحد وسنن واحدة، ولا على ذلك على ما دل عليه الأول، مع ما فيهما من أثر العيث أمرًا ظاهرًا لا يحتمل أن يجهله إلا سفيه معاند، واللَّه أعلم.

ثم النور والظلمة والظل ونحو ذلك الذي يبسط بسعة جميع أطراف السماء والأرض يستر واحد كل شيء، ويبدي آخر عن كل شيء، ويحيط الثالث بكل شيء، ثم تعلق منافع الأهل بها على اختلافها، وبالسماء والأرض على تباعد ما بينهما، وبالسهل والجبل والبحر والبر على تضاد معانيهما؛ وعلى ذلك جميع الأمور، فكان - صلوات اللَّه عليه - بما أرى من المعنى وغيره من الموقنين أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وجه إليه نفسه، وأن كل شيء نسب إليه الألوهية، محال أن يكون فيه وله إمكان ذلك، ولا قوة إلا باللَّه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ. . . (٧٦) إلى قوله: (وَمَآ أَنا مِن الْمُشركِينَ).

تكلموا في تأويل الآية على وجوه ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>