للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحسنات، فهو حالة الانتفاع به كما قال عَزَّ وَجَلَّ: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ).

وقوله: (فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).

أما في الدنيا: فذهاب التعظيم والإجلال والثناء الأحسن الذي يستوجب بالخير والدِّين عند الناس، فإذا ارتد عن الإسلام حبط ذلك كله أصار على أعين الناس أخف من الكلب والخنزير.

وأما حبطه في الآخرة: فذهاب ثواب أعماله، وكأن ما يستوجب المرء من الثواب إنما يستوجب بما يأتي من الأعمال ويحضرها عند اللَّه، لا بالعمل نفسه؛ ألا ترى إلى قوله: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)، وقوله: (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦)، دل هذا أن الثواب إنما يستوجب بإحضاره وإتيانه عند اللَّه، لا بالعمل نفسه. واللَّه أعلم.

وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا (٢١٨)

تضمن قوله: (آمَنُوا) والإيمان باللَّه، والإيمان بجميع ما جاء به الرسل من الرسالات وغيرها.

وقوله: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا).

الهجرة تكون على وجهين:

أحدهما: الهجرة المعروفة التي كانت إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، وهو كقوله: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠).

ثم رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: " لا هجرة بعد فتح مكة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>