يقلدهم عن اتباعهم وتقليدهم، فيكون ذلك أهون علينا في استنقاذ الأتباع منهم وأدعى لهم إلى الإيمان أعني الأتباع ومن يقلدهم، ويكون ذلك سببًا لإبعادهم عن اتباعهم وتقليدهم إياهم؛ هذا وجه.
والثاني: قوله: (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ) أي: اجعل ذلك آية تضطرهم إلى الإيمان، فإنهم لم يؤمنوا بالآيات التي أرسلتها عليهم من الطوفان والجراد وما ذكر من البلايا، فيكون قوله:(فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) هذا من طمس الأموال وقساوة القلوب وشدتها، واللَّه أعلم.
وقال بعض أهل التأويل: واشدد على قلوبهم واطبعها فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم وهو الغرق فعند ذلك يؤمنون، وأما بهذه الآيات فلا.
هذا يحتمل إذا كان اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أخبر موسى أنهم لا يؤمنون فيسع له هذا الدعاء، وأما قبل أن يخبره بذلك فلا يسع له أن يدعو بهذا، وهو إنما أرسله إليهم ليدعوهم إلى الإيمان والطمس.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: هو الذهاب بها، أي: اذهب بها.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: قوله: (رَبَّنَا اطْمِسْ) أي: أهلكها، وهو من قولك: طمس الطريق إذا عفا ودرس.
وقال غيره: الطمس هو المسخ؛ كقوله:(لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ) أي: مسخناهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الطمس هو التغيير عن جوهرها، دعا موسى بهذا الدعاء بالأمر لما أيس من إيمانهم؛ وهو كقول نوح:(رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ) الآية، عند الإياس منهم فعلى ذلك موسى، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨٩) قَالَ بَعْضُهُمْ: إن موسى كان يدعو وهارون يؤمن على دعائه، فقال اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) سمى كليهما