ذكر مرة بالتثبيت ومرة بذكر الزيادة؛ بقوله:(لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ)، ومرة بذكر الابتداء والتجديد؛ بقوله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ).
وقوله:(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، فالتجديد والابتداء في حادث الوقت؛ لأن تلك الأفعال تنقضي وتذهب ولا تبقى، وأما الزيادة على ما كان يضم شيئًا إلى ما كان، والثبات على ما كان فكله واحد في الحقيقة.
أضاف الإضلال مرة إلى نفسه؛ ومرة إلى الشيطان، ولا شك أن ما أضيف إلى الشيطان إنما أضيف على الذم، فإذا كان ما ذكر؛ فتكون الجهة التي أضيف إلى اللَّه - غير الجهة التي أضيف إلى الشيطان، الجهة التي أضيف إلى اللَّه: هو أن خلق فعل الضلال من الكافر، وما أضيف إلى الشيطان: هو على التزيين والتسويل؛ لتصح الإضافتان. ولو كان على التسمية - على ما يقوله المعتزلة: إذ سماه ضالا - لكان كل من سمى آخر ضالا كافرًا جاز أن يسمى مضلا، فإذا لم يسم - بتسميته ضالا أو كافرًا - مضلا دل أنه إنما سمى اللَّه نفسه مضلا؛ لتحقيق الفعل له فيه؛ وهو ما ذكرنا: أن خلق فعل الضلال منه.
والمعتزلة يقولون: إن اللَّه هدى الخلق جميعًا؛ لكنهم لم يهتدوا وضلوا من غير أن يكون اللَّه أضلهم. فهذا صرف ظاهر الآية إلى غيره بلا دليل.