للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنهم علموا أنه حق، وأنه رسول اللَّه، وأن ذلك إنما عُلم بإله - عَزَّ وَجَلَّ - وذلك قوله: (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، ثم عِلْمُ ذلك يكون بأن كان ذلك في كتابهم، أو علموا بالآيات المعجزة.

ويحتمل قوله: (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) - ما جزاء من لَبَسَ الحق بالباطل وكتمه، واللَّه أعلم.

ويحتمل: وأنتم تعلمون أنكم تلبسون الحق بالباطل.

* * *

قوله تعالى: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)

وقوله: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ)

وقيل فيه بوجوه، قيل: قوله: (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ)، يعني: بأول أمر مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لا النهارَ نفسه، وذلك ما روي في القصّة أن بعضهم كان يقول لبعض: إن محمدًا كان على قبلتنا وقبلته بيت المقدس، ويصلي إليها، فآمنوا أنتم به، (وَاكْفُرُوا آخِرَهُ)، يعني: آخر أمره، يعنون قبلة: البيت الحرام الكعبة، أي: اكفروا بقبلته التي يصلي إليها الآن، وهي الكعبة.

وقيل: إن بعضهم يقول لبعض: آمنوا بمُحَمَّد في أول أمره؛ حتى يؤمن به جميع العرب، ثئم اكفروا به في آخر أمره؛ فيقولون لنا: لم كفرتم به ورجعتم عن دينه؟ فنقول لهم: إنا وجدنا في التوراة نعت نبي وصفته، فحسبنا أنه هذا؛ فآمنا به، ثم نظرنا فإذا ذلك لم يكن نعته ولا صفته؛ فرجعنا عن دينه وكفرنا به؛ حتى يرجعوا جميعًا عن دينه؛ فذلك قوله: (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ).

وقيل -أيضًا-: إن رءوس اليهود قالوا للسِّفْلة: صدِّقوا بالقرآن وبمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وجه النهار، يعني: أول النهار، يعني: صلاة الغداة، فإذا كان صلاة العصر اكفروا به، فقولوا لهم: إن قبلة بيت المقدس كانت حقا؛ فماذا بعد الحق إلا الضلال؟! ليرجعوا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>