للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَمَنْ تَابَ مَعَكَ) من الشرك، ادعوهم على أن يستقيموا على ما أقروا وأدّوا بلسانهم (وَلَا تَطْغَوْا) قَالَ بَعْضُهُمْ الطغيان هو المجاوزة عن الحد الذي جعل له.

وقوله: (إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) هذا وعيد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (١١٣) قال الحسن: هو صلة قوله: فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار.

قال الحسن: بينهما دين اللَّه بين الركون إلى الظلمة، والطغيان في النعمة.

الآية وإن كانت في أهل الشرك فهي فيهم وفي غيرهم من الظلمة أن كل من ركن إلى الظلمة يطيعهم أو يودهم فهو يخاف أن يكون في وعيد هذه الآية.

(وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ) في دفع العذاب عنهم، أو إحداث نفع لهم.

(ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) لا ناصر لهم دونه، ولا مانع، واللَّه أعلم.

وتأويل قوله: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) في ظلمهم (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ. . .) الآية، وإن خرجت مخرج العموم فهي خاصة؛ لأنه لا كل ظلم يركن إليه تمسه النار، وكأنه إنما خاطب به الأتباع؛ يقول: لا تركنوا إلى الكبراء منهم والقادة في ظلمهم وفيما يدعونكم إليه فتمسكم النار.

وقال بعض أهل التأويل نزل قوله: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) في رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حين دعاه أهل الشرك إلى ملة آبائه؛ يقول: ولا تميلوا إلى أهل الشرك، ولا تلحقوا بهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ... (١١٤) صلاة المغرب، ظاهر هذا أن يكون فيها ذكر صلوات ثلاث: صلاة الفجر في الطرف الأول، وصلاة العصر في الطرف الأخير (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) صلاة المغرب؛ لأنه ذكر زلفًا من الليل، والزلف هي القرب منه؛ لأن الزلفى هي القربة والوسيلة إليه؛ فيكون قوله: (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ)، أي: قريبًا من طرفي النهار من الليل، وهو المغرب، ويكون ذكر سائر الصلوات في قوله: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)، ذكر دلوك الشمس، وهو زوال الشمس، وغسق الليل: العشاء، أو في قوله: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ)، (حِينَ تُمْسُونَ): صلاة العصر، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ): صلاة الفجر (وَعَشِيًّا): صلاة العشاء (وَحِينَ تُظْهِرُونَ): صلاة الظهر، وليس لصلاة المغرب ذكر في الآية، لكنها ذكرت في قوله: (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>