وقوله:(لَمَّا) صلة في الكلام، فمعناه: ما كل نفس عليها حافظ، وإنما الحافظ على بعض دون بعض.
والثاني: أن يكون الحافظ على بعض ما في النفس دون بعض، وذلك البعض هو الذي يظهره، فأما الذي يخفيه فإنه لا يشهده كاتباه.
ومنهم من حمل قوله تعالى (لَمَّا) على الاستثناء، فقال: معناه: ما من نفس إلا عليها حافظ.
قال الزجاج: حرف (لَمَّا) استعمل في موضع الاستثناء، يقال في اللغة:" أقسمت عليك لَمَّا فعلت كذا ": أي: إلا فعلت كذا.
فإن كان معناه ما ذكروا، ففيه إلزام التيقظ والتبصر، والنفس من طبعها: أنه إذا سلط عليها من يراقبها ويحفظها، احتشمت من وقتها وخافته، وتكون متيقظة، ولا ترتكب من الأمور إلا ما تعلم أنه لا يلحقها التبعة فيه من الحفاظ؛ فسلط عليه الملكان - أيضا - ليكون متيقظا في كل قول وفعل، فلا يقبل إلا على ما فيه نفع العاجل والآجل.
وسمى اللَّه - تعالى - الملكين:(كِرَامًا كَاتِبِينَ)، ومن صحب المكرم من الخلائق احتشم منه، وتوقى عن إتيان ما يُستحْيا من مثله، ومن أراد أن يكتب