للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: (الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ): هو كل قول حسن.

وقوله: (الْحَمِيدِ) يحتمل (صِرَاطِ الْحَمِيدِ)، أي: صراط اللَّه، كقوله: (صِرَاطِ اللَّهِ).

ويحتمل أن يكون نعت ذلك الصراط، أي: صراط حميد، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٥) وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) قوله: (كَفَرُوا) هو خبر ماض، وقوله: (وَيَصُدُّونَ) خبر مستقبل، فنسق المستقبل على الماضي.

قال الزجاج: إن الكافرين والصادين عن سبيل اللَّه (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ).

وعندنا تأويله: أن الذين كفروا قبل أن يبعث مُحَمَّد ويصدون الناس عن سبيل اللَّه إذا بعث مُحَمَّد.

ثم يحتمل قوله: (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أي: كانوا يمنعون المسلمين عن دخول المسجد الحرام للإسلام والسؤال عنه، والثاني: إخراجهم منه، كقوله: (وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ).

وقوله: (الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) ظاهر هذا أن يكون الذي جعل فيه العاكف والبادي سواء هو المسجد الحرام؛ لأنه قال: (جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً)، لكن أهل التأويل صرفوا ذلك إلى مكة، وقالوا: (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) في النزول في المنازل، وظاهره ما ذكرنا.

ثم يحتمل أن يكون المسجد الحرام مخصوصًا بهذا ليس كسائر المساجد التي لها أهل: أن أهلها أحق بها من غيرهم، وأمَّا المسجد الحرام فإن الناس شَرَعٌ، سواء العاكف

<<  <  ج: ص:  >  >>