ويقال: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ)، وهو خلق من خلقه.
وقيل: إن الكرسي هو الكرسي، لكنه خلقه ليكرم به من يشاء من خلقه.
ثم لا يجوز أن يفهم من إضافته إليه ما يفهم من الخلق، كما لم يفهم من قوله: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ)، و " نور اللَّه "، و " بيت اللَّه " ونحوه ما يفهم من إضافته إلى خلقه.
فعلى ذلك لا يفهم من قوله: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ)، وغيره من الآيات ما يفهم من الخلق بقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
وقوله تعالى: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا).
قيل: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا)، لا يشق عليه حفظهما. وهو قول ابن عَبَّاسٍ، رضي اللَّه تعالى عنه، ورُويَ عنه أيضًا أنه قال: لا يثقل عليه.
وقيل: (وَلَا يَئُودُهُ)، لا يجهده.
وقيل: لا يعالج بحفظ شيء مثال الخلق.
وقوله تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
(الْعَلِيُّ) عن كل موهوم يحتاج إلى عرش أو كرسي، (الْعَظِيمُ) عن أن يحاط به.
وقال ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه تعالى عنه -: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ)، قال: علمه، ألا ترى إلى قوله: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا)، كل شيء في علمه، لا يَئُودُهُ حفظ شيء، واللَّه أعلم.
قال الشيخ: - رحمه اللَّه تعالى - (الْعَلِيُّ)، عن جميع أحوال الخلق وشبههم، و (الْعَظِيمُ) القاهر والغالب.
* * *
قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥٧)
وقوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).
قيل: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، أي: لا يكره على الدِّين. فإن كان التأويل هذا فهو على بعض دون بعض.