للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخلق ومجيئهم؟ والاستواء والمجيء إلى احتمال معان أن ينفي عنه التشبيه أكثر من احتمال الحدود التي في الشاهد. فإذا لم يفهم من هذا ذلك لم يجز أن يفهم من الأول ما فهموا، وقد قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).

وقوله: (حُدُودُ اللَّهِ).

قيل: أحكام اللَّه وسننه.

وقيل: أوامره ونواهيه.

وقيل: آدابه وهو واحد.

وقوله: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

يحتمل وجهين:

يحتمل: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ) مستحل بها، فيكفر بتعديه ذلك، فهو ظالم - ظلم كفر.

ويحتمل. (وَمَنْ يَتَعَدَّ) تجاوز أمر اللَّه وما نهاه عنه غير مستحل لها، فهو ظالم نفسه، غير كافر.

وقوله: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ (٢٣٠)

هذه الآية رجعت إلى الأولى قوله: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ)، فإن طلقها بعد التطليقتين تطليقة أخرى (فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)، وقوله: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، قيل: التطليقة الثالثة، وعلى ذلك جاء الخبر، وهو واحد عندنا، يدل عليه أيضًا قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ).

ويحتمل: عقد النكاح خاصة، دون الجماع من الثاني؛ إذ ليس في الآية ذكر الدخول بها. وأما عندنا: فهو على الجماع في النكاح الثاني، يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: " لا، حتى تذوق من عسيلته ويذوق من عسيلتها "، فيكون النكاح مضمرًا، وهو أولى؛ لأن الآية في عقوبة الأول ولا يشتد عليه النكاح حتى يتصل به الوطء.

وفيه دلالة على كراهية التطليقة الثالثة - إذ هي لا تحل له بعدها إلا بعد دخول زوج آخر بها، وذلك مما ينفر عنه الطبع ويكرهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>