للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: (شَاكِرًا): يقبل اليسير من العمل، ويعطي الجزيل من الثواب، وذلك هو الوصف في الغاية من الكرم، واللَّه أعلم.

وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " ما يعبأ اللَّه بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان اللَّه شاكرًا لأعمالكم الحسنة عليمًا بها " وهو ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ).

اختلف في تأويله وتلاوته:

قَالَ بَعْضُهُمْ: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) من الدعاء إلا من ظلم؛ فإنه لا بأس أن يدعوا إذا كان مظلومًا.

وقال آخرون: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) هو الشتم؛ أخبر أنه لا يحب ذلك لأحد من الناس، ثم استثنى (إلا مَنْ ظُلِمَ) واعْتُدِيَ عليه؛ فإن رد عليه مثل ذلك، فلا حرج عليه.

وكذلك قال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) أن يشتم الرجل المسلم في وجهه، إلا أن يشتمه فيرد كما قال، وذلك قول اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ)، وإن يعفو فهو أفضل.

وقرأ بعضهم: " إِلَّا مَنْ ظَلَمَ " (١) بالنصب، فهو يحتمل: إلا من ظلم؛ فإن له الجهر


(١) قال السمين:
وقرأ جماعة كثيرة منهم ابن عباس وابن عمر وابن جبير والحسن: «ظَلَمَ» مبنياً للفاعل، وهو استثناء منقطع، فهو في محل نصب على أصل الاستثناء المنقطع. اهـ (الدر المصون. ٤/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>