للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧)

وقوله: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ).

قوله: (أَيْنَ شُرَكَائِيَ) الذين في زعمكم أنهم شركائي، حيث أشركتموهم في العبادة وتسمية الألوهية، وإلا لم يكن لله شريك فيقول: أين هَؤُلَاءِ الذين زعمتم أنهم شركائي.

ثم قوله: (أَيْنَ شُرَكَائِيَ) إنما يقال لهم لقولهم: (مَا نعبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، وقولهم: (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)، فيقول: أين شفاعة من زعمتم أنهم شفعاؤكم عند اللَّه، وأين قربتكم وزلفاكم بعبادتكم إياها حيث زعمتم أن عبادتكم إياها تقربهم إلى اللَّه زلفى؛ أين ذلك لكم منهم؟

وقولِه: (قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (٦٣) يحتمل قوله: (حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) الذي قال: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ).

وجائز أن يكون قوله: (حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي: وجب عليهم العذاب؛ كقوله: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ)، أي: وجب العذاب عليهم؛ وكقوله: (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا)، أي: وجب العذاب عليهم بما ظلموا ونحوه.

ثم اختلفوا في الذين حق عليهم القول:

فمنهم من يقول: هم رؤساء الكفرة وأئمتهم الذين أضلوا أتباعهم ودعوهم إلى الضلال.

ومنهم من يقول: هم شياطين الجن.

وللفريقين جميعًا في الكتاب ذكر:

قال في أئمتهم: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا)، وقال: (قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا)، وأمثال هذا كثير.

وقال في شياطين الجن: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) وقال: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ. . .) الآية، ونحوه كثير أيضًا.

وقوله: (رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا): يقولون: (أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا) يعتذرون: أنه لم يكن منا إليهم إلا الدعاء والإشارة إلى الغواية؛ وهو كقول إبليس اللعين

<<  <  ج: ص:  >  >>