للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصوامع؛ فيترهبوا فيها، فبلغ ذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فأتى منزل عثمان فلم يجدهم فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لامرأة عثمان: " أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْ عُثْمَانَ وَأَصْحَابِهِ؟ " قالت: ما هو يا رسول اللَّه؟ فأخبرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالذي بلغه، فكرهت أن تكذب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أو تبدي على زوجها؛ فقالت: إن كان عثمان أخبرك فقد صدقك، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " قُولي لِزَوْجِكِ إِذَا جَاءَ: إِنهُ لَيسَ مِنَّا مَنْ لَم يَستَنَّ بِسُنتِنَا ويأكُلْ ذَبِيحَتَنَا)، فلما رجع عثمان وأصحابه أخبرته امراته بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فقال عثمان: واللَّه لقد بلغ النبي أَمْرُنا فما أعجبه؛ فذروا الذي كره؛ فأنزل اللَّه: (لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ. . .) الآية، فلا ندري كيف كانت القصة؟ ولكن فيه بيان ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا ... (٨٨)

يحتمل أن يكون الحلال هو الطيب، والطيب هو الحلال؛ سماهما باسمين وهما واحد.

ويحتمل: أن يكون قوله: (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا): بالشريعة والدِّين، والله أعلم.

(طَيِّبًا): بالطبيعة؛ لأن الحل والحرمة صرفتهما بالشريعة، والطيب ما تستطيب به الطبائع.

وفي الآية دليل، أنه قد يرزق ما هو خبيث ليس بطيب؛ لأنه لو لم يرزق لم يكن لشرط الحلال والطيب معنى، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ)

في الآية دلالة أن الخطاب للمؤمنين؛ لأنه قال: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) ولم يقل: " إن كنتم مؤمنين " ونحو هذا، قد سماهم مؤمنين مطلقًا؛ دل أنه يجوز أن يسمى (وَاتَّقُوا اللَّهَ) ولا تحرموا ما أحل اللَّه لكم، (الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) أنه لا يحل ولا يحرم إلا هو، وليس إلى من دونه تحليل وتحريم.

* * *

قوله تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>