للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ. . .) هو جزاء الاعتداء؛ فيجوز؛ فعلى ذلك المكر والخداع والاستهزاء: لا يجوز أن يسمى به، فيقال: يا ماكر، ويا خادع، ويا مستهزئ؛ لأنها حروف مذمومَة عند الناس؛ فيَشْتُمُ بعضهم بعضًا بذلك؛ لذلك لا يجوز أن يسمّى اللَّه - تعالى - به إلا في موضع الجزاء. وباللَّه العصمة.

وقوله: (وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ):

أي: خير الجازينَ أهل الجور بالعدل، وأهل الخير بالفضل.

وقيل: (وَمَكَرُوا)؛ حيث كذبوه وهمَّوا بقتله، (وَمَكَرَ اللَّهُ)؛ حيث رفع الله عيسى - عليه السلام - وألقى شبهه على رجل منهم حتى قتلوه؛ فذلك خير لعيسى - عليه السلام - من مكرهم.

وقيل: (وَمَكَرُوا)، أي: قالوا، (وَمَكَرَ اللَّهُ): قال اللَّه. وقولهم الشرك، وقال لهم: قولوا التوحيد.

(وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، أي: خير القائلين.

قال الشيخ - رحمه اللَّه -: (وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)؛ بما بالحق يمكر، ويأخذ من استحق الأخذ، وهم لا، واللَّه أعلم.

والمكر: هو الأخذ بالغفلة، واللَّه يأخذهم بالحق من حيث لا يعلمون؛ فسمي مكرًا لذلك؛ كما يقال: امتحنه اللَّه وهو الاستظهار، ولكن لا يراد به هذا في حق اللَّه.

وقوله: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ (٥٥)

اختلف فيه: قيل: هو على التقديم والتأخير: ورافعك إليَّ، ثم متوفيك بعد نزولك من السماء، ولكن هو التقديم والتأخير، ولم يكن في الذكر فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>