ذكر - جل وعلا - جميع ما يوصل إلى العلوم الغائبة والحاضرة جميعًا، ويدرك ويوجد السبيل إليها وهو السمع والبصر والقلب في الإنسان؛ لأنه بالسمع يوصل إلى ما غاب عنهم من العلم: يسمعون ما عند غيرهم، وكذلك بالبصر يرى ويبصر ما عند غيره، وبالقلب يفهم ويحفظ ويميز بين ما يؤتى ويتقى، يبين أنه قد أعطاهم ما به يدركون ويصلون إلى ما غاب عنهم ويفهمون ويميزون، وهو ما ذكر من الحواس.
ثم قال:(قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ).
قال أهل التأويل قوله:(قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)، أي: لا تشكرون قط؛ لأنهم يقولون: إنما خاطب به أهل مكة.
أو أن يقال: إنهم يشكرون قليلا، لكنهم يفسدون وينقضون ما يشكرون بكفرانهم من وأما أهل الإسلام وإن كان شكرهم لما ذكر من هذه الحواس قليلا فإنهم قد اعتقدوا - في أصل العقد - الشكر له في جميع نعمه، والكافر اعتقد الكفران له؛ وإلا يجيء أن يكون قوله:(قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) للمؤمنين ولهم يقال ذلك لا للكفرة، واللَّه أعلم.