جائز أن يكون قوله:(كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا) أي: جعلها في الخلقة بردًا وسلامًا على إبراهيم خاصة، وأما على غيره فهي على ما هي في طبعها من الإحراق والحر؛ فيكون ذلك من أعظم آيات رسالة إبراهيم ونبوته.
أو أن يكون على الوحي والإلهام على ما قاله أهل التأويل: إنه أوحى إليها أن (كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)، لكنه إن كان على هذا فجائز أن يجعل في سريتها ما تفهم أمره ويمكن فيها ما تفطن ذلك فلم تحرقه.
وقول أهل التأويل: إنها بردت حتى لم ينتفع به أهل المشرق والمغرب ثلاثة أيام، فذلك لا يعلم إلا بالسمع.
لا شك أنهم في الآخرة من الأخسرين، وأما خسرانهم في الدنيا فلا نعلم ذلك الخسران، واللَّه أعلم به.
وقَالَ بَعْضُهُمْ في قوله:(وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا): وذلك أنه لما جعل في النار أنجاه الله منها، وجعلها عليه بردًا وسلامًا على إبراهيم، وأمره اللَّه تعالى بالخروج إلى الأرض المقدسة، فخرج إليها فطلبوه وبعث ملكهم إلى أصحاب المناظر فقال: لا يمر بكم إنسان يتكلم بالسريانية إلا حبستموه، قال: فحول اللَّه لسانه بالعبرانية، فمر بهم فعبر عليهم، فانطلق إبراهيم متوجهًا نحو أهله، فذلك قوله:(وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ)،