والثاني: أن إحداث شيء في سلطان آخر وفي مملكته من حيث لا يشاؤه ولا يريده آية الضعف والقهر، ومن ذلك وصفه، لم يجز أن يكون ربًّا؛ لذلك لزم وصف اللَّه - تعالى - بذلك.
وجائز أن يكون قوله - تعالى -: (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)، أي: البعث، وهو أنه أنشأ هذا الخلق للعاقبة، وهكذا فعل كل مختار أنه يقصد بفعله العاقبة إلا أن يكون جاهلا بها.
قد وصفنا ما في ذكر الأنباء من الفوائد، وقد ذكرنا أن فيها إثبات رسالته؛ على ما تقدم ذكره غير مرة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) أي: كفروا أنعم اللَّه - تعالى - فهم في تكذيب بأنعم اللَّه تعالى.
أو لما جحدوا أنعم اللَّه - تعالى - لم يوفقهم للإيمان به؛ فجعلوا على التكذيب.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) أي: من وراء تكذيبهم محيط بما ينزل بهم من العذاب ليس يوعدهم عن غفلة وخيال كما يفعله ملوك الدنيا؛ قد يوعدون بالعذاب، ولا يدرون أنهم يتمكنون من ذلك أم لا؟ واللَّه - تعالى - ينزل عليهم عذابه كما أوعد.
أو يكون قوله:(مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ)، أي: عالم بما يسرون ويخفون عن الخلق، لا يعزب عنه شيء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) سماه: مجيدا، وكريما، وحكيما، وهذه أوصاف من وصف بها في أن شاهد فإنما استحق الوصف بفعل وجد منه، ولا يوجد من القرآن فعل يستحق به الوصف، فالوصف به يحتمل أوجها:
أحدها:(مَجِيدٌ)، أي: يصير من تبعه وعمل بما فيه مجيدا حكيما كريما؛ كقوله تعالى:(وَالنهَارَ مُبْصِرًا)، أي: يبصر به أو يكون قوله: (مَجِيدٌ)، و (كَرِيمٌ)، أي: على اللَّه تعالى.