للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لله - تعالى - فيه صنع.

والثاني: أن إحداث شيء في سلطان آخر وفي مملكته من حيث لا يشاؤه ولا يريده آية الضعف والقهر، ومن ذلك وصفه، لم يجز أن يكون ربًّا؛ لذلك لزم وصف اللَّه - تعالى - بذلك.

وجائز أن يكون قوله - تعالى -: (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)، أي: البعث، وهو أنه أنشأ هذا الخلق للعاقبة، وهكذا فعل كل مختار أنه يقصد بفعله العاقبة إلا أن يكون جاهلا بها.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨).

قد وصفنا ما في ذكر الأنباء من الفوائد، وقد ذكرنا أن فيها إثبات رسالته؛ على ما تقدم ذكره غير مرة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) أي: كفروا أنعم اللَّه - تعالى - فهم في تكذيب بأنعم اللَّه تعالى.

أو لما جحدوا أنعم اللَّه - تعالى - لم يوفقهم للإيمان به؛ فجعلوا على التكذيب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) أي: من وراء تكذيبهم محيط بما ينزل بهم من العذاب ليس يوعدهم عن غفلة وخيال كما يفعله ملوك الدنيا؛ قد يوعدون بالعذاب، ولا يدرون أنهم يتمكنون من ذلك أم لا؟ واللَّه - تعالى - ينزل عليهم عذابه كما أوعد.

أو يكون قوله: (مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ)، أي: عالم بما يسرون ويخفون عن الخلق، لا يعزب عنه شيء.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) سماه: مجيدا، وكريما، وحكيما، وهذه أوصاف من وصف بها في أن شاهد فإنما استحق الوصف بفعل وجد منه، ولا يوجد من القرآن فعل يستحق به الوصف، فالوصف به يحتمل أوجها:

أحدها: (مَجِيدٌ)، أي: يصير من تبعه وعمل بما فيه مجيدا حكيما كريما؛ كقوله تعالى: (وَالنهَارَ مُبْصِرًا)، أي: يبصر به أو يكون قوله: (مَجِيدٌ)، و (كَرِيمٌ)، أي: على اللَّه تعالى.

أو سماه: كريمًا، مجيدًا، حكيمًا؛ لعظم قدره.

<<  <  ج: ص:  >  >>