لذلك كان النصارى أقرب مودة وألين قلبًا من اليهود، واللَّه أعلم.
فإن كان ذلك في قوم مخصوصين مشار إليهم، وهو ما ذكر في القصة أن بني قريظة وبني النضير كانوا يعاونون ويظاهرون مشركي العرب على قتال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ويأمرونهم بذلك، ظاهروا وأعانوا لمن لم يؤمن بنبي ولا كتاب قط على من قد آمن بالأنبياء والكتب جميعًا؛ وذلك لسفههم وشدة تعنتهم؛ حتى قاتلهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأجلاهم من بلادهم إلى أرض الشام.
وإن كان ذلك عن قوم بقرب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والمؤمنين، وهو ما كان من يهود المدينة؛ حيث بايعوا أهل مكة على قتال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وكانوا عيونًا لهم عليهم وطلائع، ولم يذكر في قصة من القصص أنه كان من النصارى شيء من ذلك، كان أقرب مودة للمؤمنين، واللَّه أعلم.
وما قال بعضه أهل التأويل بأن من أسلم منهم كان أقرب مودة للمؤمنين من اليهود فحاصل هذا الكلام أن المؤمن أقرب مودة للمؤمنين من الكافر، وذلك كلام لا يفيد معنى.
سرورا على أنفسهم مما ظفروا مما كانوا يسمعون من نعته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وصفته ويطمعون خروجه، وقد يعمل السرور هذا العمل إذا اشتد به وفرح القلب فاضت عيناه سرورًا.
ويحتمل قوله - تعالى -: (تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ)؛ حزنًا على قومهم؛ حيث لم يؤمنوا بعد أن بلغهم ما بلغ هَؤُلَاءِ من أعلام النبوة وآثار الرسالة؛ إشفاقًا عليهم أن كيف لم يؤمنوا؛ كقوله - تعالى -: (وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ): قد فاضت أعينهم حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون، واللَّه أعلم.
وقوله:(يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا) بما أنزلت واتبعنا الرسول (فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) الآية: