للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠)

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ).

قيل: الآية في مشركي العرب.

قالوا ذلك حين لزمتهم المناقضة، وانقطع حجاجهم في تحريمهم ما حرموا من الأشياء، وأضافوا ذلك إلى اللَّه، وهو صلة قوله: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ. . .) إلى آخر ما ذكر إلى قوله: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا)، فلما لزمتهم المناقضة وانقطع حجاجهم فزعوا عند ذلك إلى هذا القول: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ)، فيقول اللَّه لنبيه: (كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ): من الأمم الخالية رسلهم كما كذبك هَؤُلَاءِ، وكانوا يقولون لرسلهم ما قال لك هَؤُلَاءِ: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا. . .) إلى آخر ما ذكر.

ثم اختلف في تأويل قوله: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا) إلى آخر ما ذكر.

قال الحسن، والأصم: إن المشيئة - هاهنا -: الرضا؛ قالوا: رضي اللَّه بفعلنا وصنيعنا، حيث فعل آباؤنا مثل ما فعلنا، وصنعوا مثل ما صنعنا، فلم يحل اللَّه بينهم وبين ذلك، ولا أخذ على أيديهم، ولا منعهم عن ذلك، فلو لم يرض بذلك منهم لكان يحول ذلك عنهم ويمنعهم عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>