للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى رسول اللَّه، وإلى ما يتلو من القرآن، لكنه لا يؤمن، أخبر أنه لا كل مستمع إلى شيء ينتفع بما يستمع أو يعقل ما يستمع ويفهم، إنما ينتفع بالاستماع ويعقل على قدر المقصود والحاجة إليه.

ومنهم من كانوا ينهون من يستمعون لقبول القول منهم.

ومنهم من كان يستمع إليه؛ ليسمع غيره، كقوله: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ).

ومنهم من كان يسمعه، ويطيعه في ذلك، فإذا خرج من عنده غيره وبدله كقوله: (وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي).

ومنهم من كان يستمع إليه؛ استهزاء منه، وطلب الطعن فيه والعيب، كانوا مختلفين في الاستماع، ثم نفى عنهم السمع والعقل والبصر؛ لوجهين:

أحدهما: ما ذكرنا أنهم لما لم ينتفعوا بأسماعهم وعقولهم وأبصارهم وهذه الحواس انتفاع من ليست له هذه الحواس، نفى عنهم ذلك؛ إذ هذه الحواس إنما جعلت، لينتفع بها لا لتترك سدى لا ينتفع بها.

والثاني: كان العقل والسمع والبصر، وهذه يكون منها مكتسب بالاكتساب، ومنها ما يكون غريزة، فهم تركوا اكتساب الفعل الذي جعل مكتسبًا فنفى عنهم؛ لما تركوا اكتساب ذلك.

ويحتمل نفي هذه الحواس لهذين الوجهين اللذين ذكرتهما، واللَّه أعلم.

ثم نفى عمن لا يستمع العقل، حيث قال: (لَا يَعْقِلُونَ)، ونفى عنهم الاهتداء والإبصار بترك النظر، فقال: (أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (٤٣) لأن بالبصر يوصل إلى اهتداء الطرق والسلوك فيها، ألا ترى أن البهائم قد تبصر الطرق، وتسلك بها، وتتقي بها المهالك، ولا تعقل، لما ليس لها العقل، فلا تعقل لما يسمع القلب بعقل، وبظاهر البصر تبصر الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>