للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كريمًا، وكذلك سمي روحًا ووحيًا؛ لما يحيا به من اتبعه.

وأصل البركة: هو أن ينتفع بشيء على غير تبعة، فهو البركة؛ وعلى ذلك يخرج قول الناس بعضهم لبعض: بارك اللَّه لك في كذا، أي: جعل لك فيه منافع لا تبعة عليك فيه؛ فعلى هذا يجيء أن يكون القرآن مباركًا بكسر الراء، لكن قيل: مبارك؛ لانتفاع الناس به. والبركة تحتمل وجهين:

أحدهما: اسم لكل خير يكون أبدًا على النماء والزيادة.

والثاني: اسم لكل منفعة لا تبعة عليه فيها، ولا مؤنة، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا).

أي: اتبعوا إشاراته، (وَاتَّقُوا) أي: اتقوا مخالفته (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)؛ أي: لكي ترحموا، من اتبع أوامره وإشاراته واتقى، نواهيه ومحارمه رُحِمَ.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦)

قال أهل التأويل: أنزل الكتاب على الطائفتين: اليهود والنصارى، ومن أنزل الكتاب على اليهود والنصارى إنما أنزله على المسلمين، لكن المعنى - واللَّه أعلم -: إنما أنزل الكتاب على طائفتين، أي: إنما يظهر نزول الكتاب التوراة والإنجيل عند الخلق بطائفتين من قبلنا سموا يهود ونصارى بالتوراة والإنجيل، وإلا لم يكن وقت نزول التوراة يهود، ولا وقت نزول الإنجيل نصارى.

ثم قوله: (أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ) هو صلة قوله: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ) لئلا تقولوا: إنما أنزل الكتاب على طائفتين من فبلنا ولم ينزل علينا.

ويجوز " أن " بمعنى " لن "، أي: لن تقولوا: إنما أنزل الكتاب؛ كقوله: (أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ)، أي: لن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>