فأنتم أيها الناس أمة من تلك الأمم، فكيف اختلفتم وأشركتم غيره في ألوهيته وربوبيته، مع ما ركب فيكم من العقول والتمييز بين ما هو حكمة وما هو سفه، وقد فضلكم على غيرها من الأمم في خلق ما خلق في السماوات وما في الأرض لكم، وسخر لكم ذلك كله ما لم يفعل ذلك بغيرنا من الأمم؟!
ومنهم من قال من أهل التأويل في قوله:(وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً): زمن نوح: نوح ومن دخل معه في السفينة كانوا على دين واحد، فاختلفوا بعدما خرجوا. ومنهم من قال: آدم فاختلف أولاده.
ومنهم من قال: زمن إبراهيم. لكنا لا نشهد كيف كان الأمر، فلا نعلم إلا بخبر عن اللَّه تعالى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) قيل: لولا أن من حكمه ألا يعذب هذه الأمة عند تكذيبهم الآيات إذا سألوها وإلا لأهلكها كما أهلك الأمم الخالية بتكذيبهم الآيات عند السؤال، ولكن أخر تعذيب هذه الأمة إلى يوم القيامة.
والثاني: سبقت من ربك ألا يستأصل هذه الأمة عند تكذيبهم الرسل والعناد لهم أحد التأويلين في ترك استئصالهم، والآخر في تأخير العذإب عنهم إلى وقت.
وقوله:(لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) ببيان يضطرهم إلى القبول.
جوابه - واللَّه أعلم - ما ذكر: لولا كلمة سبقت من ربك ألا يعذب هذه الأمة بتكذيبهم الآيات عند سؤالها، وإلا لعذبتم أنتم كما عذبت الأمم الخالية بتكذيبهم الآيات عند السؤال.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ): أي: إنكم تعلمون أن علم الغيب لله، وقد أنزل من الآيات ما يبين ويدل على رسالتي.