قَالَ بَعْضُهُمْ: إن كل كتب اللَّه التي أنزلها هي زبور.
(مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) أي: الكتاب الذي عند اللَّه وهو اللوح المحفوظ، معناه - والله أعلم - على هذا التأويل: كتبنا في الكتب التي أنزلناها بعد ما كان مكتوبًا في اللوح المحفوظ (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا. . .) كذا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كتب اللَّه في الزبور المعروف، وهو زبور داود بعد ما كتب (مِن بَعْدِ الذِّكرِ) أي: التوراة (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا) يعني: الجنة (يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) وكتب ذلك في هذا القرآن فقال: (إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ)، أي: زبور داود بعد ما كتب في الذي الذي عنده.
وجائز أن يكون قوله:(كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ): في بعض كتاب، أي: في بعض السور: (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ)، أي: من بعد السورة (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا) كذا.
وجائز أيضًا:(كَتَبْنَا) في كتاب (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ)، أي: من بعد ما ذكرهم ووعظهم (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا) كذا.
ثم اختلفوا في قوله:(أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ):
قال عامة أهل التأويل: هي الجنة؛ أخبر أن الجنة إنما يرثها عبادي الصالحون، وهو ما ذكر في آية أخرى:(أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)