للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنعمها عليهم فلم يشكروها؛ فنسيهم على المجازاة لذلك، وإن لم يكن نسيانا؛ كما سمي جزاء السيئة سيئة، وإن لم يكن الثاني سيئة؛ فعلى ذلك ذكر النسيان على مجازاة النسيان، وإن لم يحتمل النسيان.

والثالث: (نَسُوا اللَّهَ)، أي: بسؤال المعونة والنصرة وسؤال التوفيق؛ فنسيهم اللَّه، أي: لم ينصرهم ولم يوفقهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

فَإِنْ قِيلَ: اسم النفاق أشر وأقبح من اسم الفسق؛ فما معنى ذكر الفسق لهم؟! فهو - واللَّه أعلم - لأنهم كانوا يظهرون الموافقة للمؤمنين باللسان؛ فأخبر أنهم ليسوا على ما أظهروا، واللَّه أعلم.

أو أن يكون اسم النفاق أشر وأقبح عند الناس من اسم الفسق؛ فيحتمل عندهم أن يكون اسم الفسق أكبر في القبح.

أو سماهم فاسقين؛ لما أن كل أهل الأديان يأنفون عن النسبة إلى الفسق والتسمية به.

أو أن يكونوا يعلمون في أنفسهم أنهم أهل نفاق، ولا يعرفون أنهم فسقة.

وأصل الفسق: هو الخروج عن أمر اللَّه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٦٨)

كأن جهنم هي المكان الذي يعذبون فيه والنار فيه بها يعذبون.

(خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ).

أي: حسبهم جزاء لصنيعهم، يقول الرجل لآخر: حسبك كذا، أي: كفاك ذلك جزاء ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>