القرآن بها، ثم بين أنها على الوصف الذي ذكر لِمَنْ، فقال:(لِلْمُتَّقِينَ) وإن كانت هي في أنفسها على الوصف الذي ذكر، فإنها تتجلى بها الشبه من الحقائق والحق من الباطل لمن قبلها وأقبل نحوها ونظر إليها بعين التعظيم والإجلال، فأما من أعرض عنها فليست لهم على ما ذكر، لكن على ما أخبر بقوله:(فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ).
ثم بين من المتقون؟ فقال:(الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) يحتمل قوله: (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)، أي: يخشون العذاب الموعود في الغيب وهو عذاب الآخرة ونقمتها، إن المؤمنين خافوا العذاب الموعود في الآخرة، فيحذرون ما به يحل ذلك، وأما الكفار فإنهم لم يخافوا العذاب الموعود في الآخرة ولم يصدقوه إنما يخافون العذاب المعاين المشاهد، فأما العذاب الموعود في الغيب فلا يخافونه.
ويحتمل أيضًا قوله:(يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)، أي: يهابون ربهم ويخافونه وإن لم يروه؛ لما رأوا من آثار سلطانه وملكه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) يحتمل: هم من أهوال الساعة وأفزاعها خائفون.
أو أن يكون قوله: وهم من محاسبة أعمالهم مشفقون خائفون، فحاسبوا أنفسهم في الدنيا؛ إشفاقًا على محاسبة أنفسهم في الآخرة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ظاهره وإن كان استفهامًا فهو في الحقيقة إيجاب؛ كأنه قال: وهذا ذكر مبارك أنزلناه وتعرفونه أنه كذلك، فأنتم مع هذا له منكرون، يذكر سفههم وتخبر عن عنادهم.