من تعرض لرسول من الرسل بمثل ما تعرض هَؤُلَاءِ لموسى:(يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا) - يكفر؛ لأن موسى - عليه السلام - قد وعد لهم النصر والفتح إذا دخلوها، فقالوا:(لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا) لم يصدقوا موسى - عليه السلام - فيما وعد لهم من الفتح والنصر، ومن كذب رسولا من الرسل بشيء مخبر؛ فهو كافر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا. . .) الآية: دل قوله - تعالى -: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا) على أن الأمر بالدخول فيها أمر بالقتال مع الأعداء، حين قال:(ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)، وأن المكتوب عليهم القتال معهم؛ لأنهم قالوا:(فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا)، واللَّه أعلم.
ثم قيل في قوله - تعالى -: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا) بوجهين:
قيل: اذهب أنت وربك فقاتل وحدك، وليعينك ربك وينصرك؛ لأنك تقول: إن اللَّه قد وعدك فتحها والنصر عليهم، فالواحد والجماعة فيه سواء، إذا كان اللَّه ناصرك ومعينك.
والثاني: اذهب أنت وأخوك بربك فقاتلا؛ لأنهما كانا جميعًا مأمورين بتبليغ الرسالة؛ لأنهما إذا قاتلا إنما قاتلا بربهما، وتجوز الإضافة إليه والنسبة لما كان يفعل به؛ كقوله:(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ)، وقوله - تعالى -: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) هم المباشرون للقتل والرمي في الحقيقة، لكنه أضيف