الأصنام؛ والأوثان يعبدون الشيطان؛ لأن الشيطان هو الذي يدعوهم إلى عبادتهم الأصنام؛ فكأنهم عبدوه؛ ألا ترى أن إبراهيم - عليه السلام - قال:(يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ): جعل عبادة الصنم عبادة للشيطان؛ حيث قال له:(لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ)؛ فدل أن عبادتهم الأوثان عبادة للشيطان، وباللَّه العصمة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَرِيدًا)، قال ابن عَبَّاسٍ: المريد: هو العاتي.
إنه - لعنه اللَّه - وإن قطع القول فيه: لأتخذن من كذا، قطعا - فهو ظن في الحقيقة؛ ألا ترى أنه قال - تعالى - في آية أخرى:(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ)؛ دل أن ما قاله، قاله ظنًّا، لكنه خرج مقطوعًا محققًا، ولا قوة إلا باللَّه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَصِيبًا مَفْرُوضًا)، أي: مبينا معلومًا، والنصيب المفروض هو ما ذكر:(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ. . . إلى آخر ما ذكر (مَفْرُوضًا)، أي: مبينًا: من يطيعه ومن لا يطيعه.
قيل: هذا إخبار عن اللَّه - تعالى - عبادَهُ عن صنيع اللعين؛ ليكونوا على حذر منه.
ثم قوله:(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ) - ليس على حقيقة الإضلال؛ لأنه لا يقدر أن يضل أحدًا، لكنه يدعو إلى الضلال ويزين عليهم طريقه، ويلبس عليهم طريق الهدى؛ فذلك معنى إضافة الإضلال إليه؛ وإلا لم يملك إضلال أحد في الحقيقة؛ كقوله - تعالى -: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ. . .) الآية. ثم إذا ضلوا بدعائه إلى ذلك وتزيينه عليهم سبيله - يمنيهم عند ذلك؛ حتى يتمنوا أشياء؛ كقوله:(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ. . .) الآية، وكقوله - تعالى -