ويحتمل: أم لهم إله غير اللَّه يأمرهم بالذي يدعون على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من التقول على الله تعالى، أو يطلعهم على ذلك؟ أي: ليس لهم إله يطلعهم على ذلك، ويدفع عنهم ما ينزل من السماء من العذاب، وهو ما قال:(إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ).
ثم نزه نفسه عما أشركوا معه من الأوثان في تسمية الألوهية واستحقاق العبادة، فقال:(سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
يخبر عن عناد أُولَئِكَ الرؤساء ومكابرتهم، وإنما قالوا ما قالوا على التعنت، لا على الاسترشاد، وأن هذه الآيات من قوله:(أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا. . .)، إلى قوله: - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ)، كلها محاجة مع أُولَئِكَ الرؤساء المعاندين؛ يبين ذلك قوله تعالى:(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ) يقول: إنهم وإن يروا ما توعدهم من عذاب ينزل بهم يقولوا -لتعنتهم ومكابرتهم-: إنه سحاب، ليس بعذاب، وهو كما قال:(وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا)، يخبر عن عنادهم، وكقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ)، لا يؤمنون، ويقولون: ما ذكر إنه سحاب مركوم؛ تعنتا ومكابرة.
ثم أمر رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بأن يعرض عنهم وألا يشتغل بهم؛ لما علم اللَّه تعالى أنهم لا يؤمنون، وهو ما قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يؤيس رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن إيمانهم، ويأمره بالصبر على أذاهم، وترك المكافأة لهم، ويخبر أنهم لا يؤمنون إلا في اليوم الذي فيه يصعقون، أي: يموتون.
ثم قرئ قوله:(يُصْعَقُونَ) بفتح الياء وضمه؛ فمن قال بالنصب، احتج بقوله:(فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)، ولم يقل فَصُعِقَ.
ثم يحتمل الصعقة التي ذكر: ما ذكرنا؛ أي: يموتون.
ويحتمل: أي: تنزل بهم الشدائد والأوجاع، ولكن لا ينفعهم الإيمان في ذلك الوقت؛